80% من أبناء الشبيبة في المجتمع العربي يستهلكون الحلويات يوميًا – معطى مثير للقلق

مؤتمر "السكري والسُمنة – حساب وطني" يدعو إلى تغيير منهجي شامل 

بمبادرة The Marker وبرعاية Novo Nordisk, Bayer, J&J MedTech Israel عُقد في 2 أيلول 2025 في مركز "بيرس" للسلام والابتكار في تل أبيب-يافا مؤتمر خاص تناول وباءَي السُمنة والسكري وتأثيرهما على صحة الجمهور، جودة الحياة والاقتصاد في إسرائيل. أدارَت المؤتمر هيلا ألروئي، محلّلة الشؤون الصحية في قناة "الأخبار 13"، وشارك فيه كبار المسؤولين في مجالات الصحة، الرفاه، الأكاديميا والشركات الرائدة، ومن بينهم د. زعبي عبد الهادي، مدير منظومة السكري في لواء الشمال ومدير وحدة سكّري النمط الأوّل في "خدمات الصحة كلاليت"، لواء الشمال، والبروفيسور نعيم شحادة، مدير مجال السكري في الجليل، كلية الطب في جامعة بار-إيلان ورئيس الجمعية الإسرائيلية للسكري.

"السكري هو رحلة حياة للأسرة بأكملها"

قالت جاليت كوباتش، المديرة العامة لشركة Novo Nordisk Israel، في كلمتها الافتتاحية خلال المؤتمر وهي تشارك قصة شخصية مؤثّرة: "أعيش في عالم مرض السكري منذ أكثر من 30 عامًا، منذ إصابة والدي به في سن 50. إنها رحلة مع المريض وكل أفراد العائلة. أذكر جيدًا حالة عدم اليقين، الصعوبات والمضاعفات – وكذلك نقاط الضوء. كانت واحدة من هذه النقاط ممرضة مهنية وإنسانية رافقتنا وجعلت تعامل والدي مع المرض ممكنًا".

كوباتش شدّدت على أن هناك حاجة إلى تغيير منهجي شامل، فالسُمنة والسكري ليستا "مشكلة شخصية" بل هما أمراض مزمنة تصيب الملايين. وأوضحت أن الكلفة على الاقتصاد الإسرائيلي تُقدَّر بحوالي 55 مليار شيكل سنويًا – بين نفقات مباشرة وغير مباشرة وخسارة سنوات حياة ذات جودة.

"نحن في Novo Nordisk نطوّر أدوات رقمية يستخدمها أكثر من 20 ألف مريض يوميًا، لكن ذلك لا يكفي. هناك حاجة إلى جهد شامل – حكومي، اجتماعي ومجتمعي. فالسُمنة ليست مجرد اختيار شخصي، بل نتيجة لظروف الحياة، إتاحة خدمات الصحة ومستوى الوعي العام".

"من دون استراتيجية وطنية – سنخسر المعركة"

مدير عام وزارة الرفاه والأمان الاجتماعي، يانون أهروني، حذّر من الأثر المدمّر للفصل بين منظومتي الصحة والرفاه: "في إسرائيل هناك فصل مصطنع بين النظامين، مما يُصعّب تقديم استجابة شاملة لقضايا مثل السمنة، السكري والصّحة النفسية. والفئات المتضررة هي الفئات المُستضعفة – الأطفال والشباب في خطر، كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. علينا بناء خطة استراتيجية لسنوات طويلة، فالحلول الجزئية لم تعد كافية".

أهروني دعا إلى التعاون بين الوزارات الحكومية، صناديق المرضى، الأكاديميا والسلطات المحلية، وتعهّد بطرح القضية للنقاش في الكنيست: "هذا المؤتمر يجب أن يخلق ضغطًا جماهيريًا حقيقيًا. فقط بهذه الطريقة يمكننا تغيير المسار".

معطيات مقلقة للغاية حول المجتمع العربي

البروفيسور إيتمار راز، الخبير الدولي في السكري والسُمنة، عرض معطيات خطيرة للغاية:

• 80% من أبناء الشبيبة العرب يستهلكون الحلويات يوميًا، مقابل 60% في المجتمع اليهودي.

• في استهلاك الحلويات والشوكولاتة تصل النسبة إلى 70% في المجتمع العربي.

• 74% من الأطفال الرّضع في إسرائيل يتعرّضون للحلويات في سن مبكرة بين نصف عام وعامين.

• 60% من الأطفال ذوي الوزن الزائد يصلون إلى سُمنة مفرطة، و34% منهم يعانون من سُمنة خطيرة جدًا.

"نحن نتحدث عن قنبلة صحّية موقوتة"، حذّر البروفيسور راز. "وقد أظهر بحث شمل مليوني مجنّد في الجيش الإسرائيلي أن من يزيد مؤشّر كتلة جسمه عن 30 يعاني من معدل وفيات أعلى بأربع مرات خلال حياته. لم يعد الأمر قضية جمالية – بل خطر على الحياة".

وشدّد البروفيسور راز أيضًا على دور العائلات: "عندما يهدّئ الأهل طفلهم بحلوى بدلًا من العناق، يتعلّم الطفل استبدال العلاقة العاطفية بعلاقة مؤقّتة حلوة. إذا اختارت الأم الماء – سيشرب الطفل الماء أيضًا". وأضاف أنه يمكن الاستفادة من الثقافة الشعبية لتغيير العادات: "في الولايات المتحدة، رفع "بوباي" استهلاك السبانخ بنسبة 30%. فلماذا لا نطلق مبادرة مشابهة في إسرائيل لتعزيز شرب المياه وتناول الخضروات؟".

جائحة الكورونا وتبعاتها

البروفيسور درور ديكر، مدير قسم الأمراض الباطنية "د" والمركز لعلاج مرض السُمنة في مستشفى "هشارون" – المركز الطبي "رابين"، ورئيس الجمعية الإسرائيلية لأبحاث وعلاج السُمنة، عرض صورة مقلقة للغاية: واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في إسرائيل يعاني من السمنة.

وفيما يتعلق بالأطفال، أشار إلى أنه حتى عام 2020 سُجِّل انخفاض ملحوظ في معدّلات السمنة بين الأطفال حتى سن 7، غير أنه منذ اندلاع جائحة الكورونا طرأ ارتفاع حاد ناجم عن المكوث الطويل في المنازل، وتراجع النشاط البدني، وزيادة استهلاك الطعام. وبحسب قوله، فإن هذه الظاهرة مرشّحة، وللأسف، للاستمرار.

وشدّد البروفيسور ديكر على أن الفئة العمرية الحاسمة لتغيير مسار حياة الطفل الذي يعاني من السمنة تتراوح بين 7 و13 عامًا. ومع ذلك، تُظهر البيانات أن معدلات السمنة بين الأطفال والمراهقين في إسرائيل لا تزال في ارتفاع مستمر، خصوصًا بين الفتيان في سنّ المراهقة. وأوضح أن الوضع في المناطق الطرفية أكثر خطورة، حيث نسب السمنة أعلى بكثير مقارنة بالمراكز الحَضَرية.

دعوة إلى تحرّك مشترك

البروفيسور آرييه تسبان، رئيس جامعة بار-إيلان، أكّد في كلمته على أهمية التعاون بين جميع الجهات في مواجهة وباء السكري: "لكل طرف مصلحة في أن يكون جزءًا من هذه المنظومة"، قال. وبيّن أنه عند التوجّه إلى رؤساء البلديات بطلب دعم برامج مواجهة السكري، يردّ كثيرون منهم بأن الصحة ليست من ضمن صلاحياتهم وإنما مسؤولية صناديق المرضى. غير أن عرض المعطيات الاقتصادية عليهم – كخسارة تُقدَّر بنحو 3 ملايين شيكل سنويًا من ضرائب مرضى السكري – يجعل الموضوع يحظى بأولوية أكبر بكثير.

وأشار تسبان أيضًا إلى أنماط العمل داخل منظومة الصحة، موضحًا أنه عندما يمنح الطبيب وصفة دوائية دون داعٍ، يواجه فورًا انتقادات، بينما في الحالات التي يمتنع فيها الطبيب عن منح وصفة لمريض يحتاجها، لا أحد يعلم بالأمر. وأكد أن هذا الواقع يدفع كثيرًا من الأطباء في الحالات الحَدّية إلى الامتناع عن تقديم العلاج المطلوب.

كما عرض تسبان لاحقًا بيانات لافتة من برنامج مميّز أطلقته الجامعة، أدى إلى انخفاض كبير بنسبة 50% في معدّل الانتقال من مرحلة ما قبل السكري إلى الإصابة الفعلية بالمرض. ووفقًا له، فإن 3% فقط من المشاركين أصبحوا مرضى سكري، مقارنة بـ8% في الماضي، بينما حافظ 66% على وضعهم ما قبل السكري، ونجح 31% في تحسين حالتهم والعودة إلى مؤشرات طبيعية.

واختتم تسبان بالقول إن هذه الإنجازات البارزة هي ثمرة مبادرة أكاديمية مستقلة من الجامعة، وليست نتيجة لخطط حكومية أو تدخلات رسمية.

"خلال المؤتمر، عُقدت أيضًا جلسات حوارية مهنية بإدارة ميراف ميلر وهيلا ألروئي، تناولت مواضيع متعددة، من بينها أهمية الاستثمار في العلاج الشمولي للسُمنة، وبرامج مشتركة للوقاية المبكرة من السمنة وعلاجها بين الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى سبل تحسين التزام المرضى بالعلاج، ودور التشخيص المبكر للسكري في تحسين صحة المريض وتقليل كلفة الرعاية الصحية".

المؤتمر أكّد على أن مواجهة وباءَي السُمنة والسكري تتطلّب تحركًا مشتركًا – منهجيًا، مجتمعيًا وفرديًا – لمنع تفاقم الأزمة الصحية. وإلى جانب ذلك، من المهم عقد مؤتمر مُخصّص يُعنى بالمجتمع العربي، حيث تُظهر المعطيات واقعًا مقلقًا يتطلّب استجابة شاملة ومركّزة.